بقلم.
د. إيهاب قنديل
فرِّق تَسُدْ مصطلح سياسي عسكري اقتصادي لاتيني الأصل ويقصد به تفريق قوى الخصم إلى أشتات ليصبح أقل قوة مما يسهل التعامل معه والقضاء عليه أو على الأقل تحييده. ومن حيث كونها سياسة فهي سياسة قديمة قدم البشرية نفسها، حيث طبقها المصريون والسومريون القدماء؛ ويتم فيها عادة إثارة الفتن أو التحريض عليها، ونشر روح الانتقام بين الطوائف والطبقات المكونة للشعوب وإشعال حروب داخلية وخارجية تنتهي بإنهاك قوى كافة الأطراف.
تأثر السلوك الإداري بتلك النظرية العسكرية في إدارة سيكولوجية العاملين بمختلف التجمعات فأحياناً تجد نمطاً من قادة تلك المنظمات من يستخدم " فرق تسد " في فك عرى الانسجام والتكامل - التي يركن إليها العاملين بطبيعتهم الاجتماعية - فيختلف فريق العمل الواحد أو بين فرق العمل وبعضها البعض بالمنظمة من أجل بسط المزيد من السلطة والنفوذ والسيطرة.
ولاستراتيجية فرق تسد عدداً من الأمراض الإدارية - المظاهر - التي تصيب معتنقيها بشكل خطير يؤثر بلاشك في جسم المنظمة والسلامة النفسية للعاملين بها.
يؤدي ذلك بالعاملين تحت سقف تلك المنظمة إلى ما يسمى "الاحتراق الوظيفي"، وهو شعور بحالة من الضغط العصبي يظهر معه كثير من أعراض الإرهاق البدني والنفسي وتراجع حقيقي في الإنتاجية وفقدان رغبة العاملين وحماستهم للعمل رغم أنهم غالبًا ما يبذلون مجهود جبار لكن دون جدوى فتدور الرحى دونما طحين.
نتيجة لذلك تشتعل بدايات ما ينتج عنه أو ما أصطلح عليه بيئة العمل السام (Toxic Work Environment) .
ويعبّر هذا المصطلح عن المناخ التنظيمي السلبي السائد في منظمة العمل، حيث تكثر الممارسات التي تؤذي الأداء وتعرقله وتوقف عجلة الابتكار وتحد من تطوُّر الأفراد وابداعاتهم أو حتى الوصول إلى المستويات العادية من الإنتاج.
إلا أنه وجدت فائدة وإيجابية من تلك الاستراتيجية " فرق تسد " إذا ما تم استخدامها مثلاً في حل المشكلات حيث يتم تشتيت وتفريق عناصر المشكلة عن طريق تقسيم المشكلة إلى جزئيتين أو أكثر من نفس العوائق أو المسببات، حتى تصبح المشكلة عبارة عن مجموعات جزئية بسيطة ليسهل فهمها وبما يكفي لحلها بشكل مباشر أو لدراستها تفصيليًا أو لتحييد أثارها ثم إعادة تجميعها أو تشكيلها في نفس المجموعات أو مجموعات مغايرة لإدارتها والحد من التعقيدات المزعجة.