بقلم.
مهندسة / باتعة معوض
إكتشف الإنسان علم القياس من قديم الزمان وتعلم طرق القياس للمسافة والكتلة. وإستخدم قدماء المصريين علم القياس قبل خمسة ألاف سنة فى بناء الأهرامات. ومما يدل على براعة المصريين القدماء فى دقة القياس أن نسبة الخطأ فى طول ضلع قاعدة الهرم الذى يبلغ 225مترا لا يزيد عن 15 سم وهذا يدل على مهارة فائقة فى دقة القياس.
إن ضبط القياس وأجهزته هو أحد المعايير الأساسية للتقدم الصناعى فى جميع أنشطة الإنسان وفى كافة مجالات العلوم وتطبيقاتها (المجال التجارى ـ المجال الصناعى ـ والمجال الخدمى)، وذلك للوصول إلى منتج نهائى عالى الجودة ينافس فى الأسواق العالمية. ولابد من ضبط عمليات القياس فى جميع مراحل الإنتاج، حيث لا توجد صناعة بدون قياس. ويعرف علم القياس أو (المترولوجيا) بأنه علم إجراء عملية القياس مع تحديد نسبة الخطأ فى عملية القياس. ويشمل هذا العلم جميع النواحى النظرية والعملية فى القياس، حيث تشمل ثلاث كميات رئيسية هى الطول و الكتلة و الزمن، وكذلك قياسات أخرى مثل المساحة والحجم والسرعة ودرجة الحرارة ودرجة الإشعاع الضوئى وغير الضوئى.
وقد عرف المكتب الدولى للأوزان والمقاييس (BIPM) علم القياس بأنه علم إجراء عملية القياس بحيث يشمل كل القياسات النظرية والعملية لأى نسبة خطأ وهو ذو مجال واسع، ويمكن تقسيمه إلى ما يلى:
أولاـ علم القياس الأساسي أو العلمي (Scientific Metrology) ويهتم بالحسابات الكمية ووحدات القياس وتطوير طرق القياس وتحقيق معايير القياس (الإماميات).
ثانيا ـ علم القياس التطبيقى أو الصناعى (Industrial Metrology) ويهتم بتطبيق علم القياس فى العمليات الإنتاجية وما يصاحبها من عمليات أخرى وإستخدامها فى الصناعة بأدوات قياس مناسبة للإستخدام كما يهتم بمعايرة الأدوات وضبط نوعية القياس.
ثالثا ـ علم القياس القانونى (Legal Metrology) ويهتم بمطلبات القياسات وأدوات القياس من أجل تحقيق إشتراطات الأمن الصحي والبيئى وحماية المستهلك.
إن لب علم القياس يكمن فى مرجعية عملية القياس Traceability (نحصل على المرجعية بالمعايرة وهى العلاقة بين إشارة أداة القياس وقيمة معيار القياس وتحدد المعامل الوطنية هذه المعايير). إن المرجعية والدقة والضبط وتقدير نسبة الخطأ فى القياس هى أجزاء أساسية فى نظام إدارة الجودة. ويرتبط تعبير البنية التحتية للجودة بجميع مجالات علم القياس والإختبار وتوحيد المعايير الخاصة بإدارة الجودة وتقييم المطابقة وضمان الجودة ويجب ان يشمل على ما يلى:
ـ وضع وتنفيذ التشريعات الفنية للمنتجات والإنتقال من المعايير الإلزامية إلى الإختيارية.
ـ الممارسات الجيدة الخاصة بتوحيد المعايير.
ـ إزالة العوائق التجارية.
ومن ثم يكون علم القياس من العلوم الأساسية وتبدو أهمية هذا العلم واضحة ومحسومة بشكل خاص فى الصناعة حيث تتوقف عليه جودة المنتج الصناعى وبالتالى قيمة الإنتاج الصناعى. وتوجد علاقة وثيقة بين علم القياس ومجالاته الرئيسية ونظم (المواصفات والمقاييس والإختبار والجودة) - التي يطلق عليها إختصارا (MSTQ) - ودورها فى التنمية الصناعية ومكانة علم القياس فى هذا النظام وأهميته فى الصناعة، حيث يجب إستخدام أدوات قياس معايرة (Calibrated) ومسلسلة (Traceable) فى عمليات القياس كضمانة للحصول على منتجات صناعية عالية الجودة تجعلها مؤهلة للتصدير والمنافسة فى الأسواق العالمية.
وهناك فرق بين علم القياس (Metrology) والمقاييس (Measurements) حيث تعرف المقاييس بأنها عمليات القياس التى تتم بالفعل وينتج عنها قيم فعلية معبرة عن ما تم قياسه سواء كتلة ـ طول ـ وزن ـ حجم...إلخ. وعمليات القياس هذه دورية للمعرفة وإتخاذ القرار، وهى أساس جوهرى فى الأبحاث العلمية، والحسابات الفيزيقية والكيميائية، والتصميم وضبط القياس يؤدى إلى الحفاظ على حماية الإنسان. وتتمثل فى مجالات منها:
ـ مجال حماية المستهلك مثل عدادات المياه والكهرباء والغاز
ـ مجال السلامة والصحة والأمان مثل أجهزة قياس عادم السيارات وأجهزة قياس ضغط الدم والمحاقن الطبية
ـ مجال الصوتيات وتقييم الضوضاء مثل أجهزة قياس الضوضاء المنبعثة من الماكينات والمعدات وأجهزة القياس السمعى
وتعرف الجودة بأنها جودة كل السمات الخارجية والداخلية للمنتج او الخدمة وكل هذه السمات لابد ان تقابل إرضاء العميل وهذا يتحقق بالإعتماد على نظام القياس وحيث أن المنتج يكون عبارة عن مادة أو اكثر لديه أبعاد معينة ووزن معين يتم إختلاطهم تحت ظروف معينة لكى تعطى منتج له مواصفات مرضية للعميل وهذه تعتمد على نظام القياس، ومن هنا يتضح أهمية القياس فى الجودة حيث أن علم القياس والمقاييس هما حجر الزاوية فى الإنتاج حيث لا توجد جودة بدون ضبط جودة، ولا يوجد ضبط بدون قياس ولا يوجد قياس بدون علم قياس.
ولقد أجمعت الكتب السماوية على أن ضبط القياس هو حجر الزاوية فى التعامل بين الناس والحفاظ على الحقوق فنجد أن القرأن الكريم يحث على ضبط الكيل والميزان وهما صورتان من أهم صور القياس ودقته الذى ينعكس على الجودة. ولنذكر قول الله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء (الآية 35):
}وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ۚ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا {