وزارة الصناعة
الهيئة المصرية للمواصفات والجودة المعهد القومى للجودة

الجودة في الإصلاح الإداري

الجودة في الإصلاح الإداري

بقلم.

دكتور/ محدحت عبد الوهاب 

شهدت مصر في السنوات الأخيرة إهتماما متزايدا من القيادة السياسية بعملية الإصلاح الإداري، وكان ذلك نتيجة تفشي الفساد والإهمال والقصور في الخدمات الحكومية الذي تغلغل في جسد الإدارة الحكومية بشكل كبير، وكان لا بد من البحث عن أساليب حديثة لتحسين الأداء الحكومي ورفع كفاءة الخدمات المقدمة.

كما أن تزايد الضغوط بتوفير خدمات ذات جودة عالية واعتبارها العامل الأساسي الذي يحدد مسار الإصلاح الإداري يتمثل في تلبية الإدارة لمصالح المواطنين واغراضهم كهدف يسمو على كل الأهداف الإدارية الأخري يجعل إدارة الجودة بديلا ملائما لتحقيق الإصلاح الإداري في المؤسسات الحكومية وتجاوز التراكمات السلبية للإدارة التقليدية ومن ثم الاستمرا في أداء دورها ووظائفها في عملية التنمية.

إن التغيير المقصود شامل على مستوى الحكومة، في إطار رؤية مستقبلية للقيادات الإدارية ، وتحديد ما يجب تحقيقه من إصلاحات إدارية لضمان رضاء الجمهور، من خلال تبني مفاهيم ومبادئ الجودة ومتطلبات المعايير الدولية، والتي يتم على أساسها تنمية الموارد البشرية ماديا ومعنويا ، وتطوير الهياكل وتبسيط الإجراءات وتحديث الأدوات والوسائل الفنية والتقنية.

لقد أصبح بالأهمية بما كان تطبيق نظم إدارة الجودة في مجال الإدارة الحكومية كمهنج شامل للإصلاح الإداري يقوم على أساس تحمل الجهات المراد إصلاحها مسؤولية التطوير والتحسين المستمر وتغيير مناخ العمل وتنمية روح الفريق وإتقان العمل وجعل تطوير الانتاجية والكفاءة ومعايير الجودة وأنماط السلوك والتعامل فلسفة دائمة يؤمن بها الموظفون والمدراء لتشكل في النهاية منظومة متكاملة من الإدارة الحكومية الرشيدة.

يربط العديد من الباحثين الإداريين الإصلاح الإداري بالإصلاح السياسي أو( بالنظام السياسي) لدرجة أن البعض يؤكد أن الإصلاح الإداري يقوم أساساً على الإصلاح السياسي وبدون هذا الأخير لا معنى للأول وخاصة في الدول النامية حيث عرف البعض الإصلاح الإداري بأنه " تلك العملية السياسية التي تصيغ من جديد العلاقة ما بين السلطة الإدارية والقوى المختلفة في المجتمع". وهذا يستتبع أن مشاكل الجهاز الإداري هي بالأصل سياسية وبالتالي فإن معالجتها يجب أن تأتي من قمة الهرم السياسي ، على إعتبار أن وظائف الدولة تتسع وتتعمق أفقياً وشمولياً .

إن التنمية الإدارية والاقتصادية تتحقق من خلال جهد منظم لتحسين كفاءة وفعالية الجهاز الإداري والمؤسساتي وتعزيز قدرته على التجديد والابتكار إبتداءً من مستوى الفرد ووصولاً إلى الهيكل التنظيمي، والإصلاح المؤسسي الذي يهدف إلى ترشيد عملية صنع القرار وتحديد الأهداف بوضوح والنظر إلى الوقائع بموضوعية وحياد، وبنظرة علمية جادة، بحيث تتوافر لدى متخذي القرار المعلومات والبيانات الصحيحة بالوقت المناسب.

ولكن هل سيتحقق الإصلاح الإداري في ظل العقلية نفسها التي أوصلتنا وأوصلت وطننا إلى ما نحن عليه في ظل الإدارة الفردية؟ فلتجنب هذه المخاطر يجب أن نهتم بثقافة الجودة متضمنة العمل والانتاج والمسؤولية.