بقلم.
المهندس/ محمد الباز
بعد إعلان منظمة الصحة العالمية في مارس 2020 عن رفع درجة خطورة فيروس كوفيد 19 إلى مستوى الوباء، تسبب هذا في تعطيل التعليم في جميع أنحاء العالم، حيث أجبرت عمليات الإغلاق المؤسسات التعليمية (مدارس - معاهد- جامعات - إلخ) على غلق أبوابها مؤقتًا، وتشُير التقديرات التي صدرت عن منظمة الأمم المتحدة في أغسطس 2020 أن انتشار الوباء تضرر منه نحو 1.6 مليار طالب في أكثر من 190 دولة وأثرت عمليات الإغلاق على 94% من طلاب على مستوى العالم.
وبينما أصبحت المؤسسات التعليمية تواجه تحديا متمثلا في كيفية الحفاظ على استمرارية التعلم في ظل عمليات الإغلاق والإجراءات الاحترازية المتبعة لمواجهة الوباء، ظهر التعليم الإلكتروني ليكون هو الحل البسيط والفوري لتلك المعضلة، خاصًة أن التعلم الإلكتروني عبر الإنترنت يُحرر التعليم من قيود الزمان والمكان التي يتطلبها التدريس وجهًا لوجه. لكن هذا التحول السريع لخيار التعليم الإلكتروني ظهر معه ارتباك كبير أيضًا، حيث أن تفشي وباء كورونا لم يمنح الدول الكثير من الوقت للتخطيط لكيفية النجاح في تطبيق التعلم عبر الإنترنت، مما شكل العديد من التحديات الصعبة، أبرزها تلك التي تتعلق بتراجع جودة الدراسة، كذلك عدم تكيف المدرسين والطلاب مع أساليب التعلم عن بعد وعدم تماشي المناهج التعليمية معها أيضًا وبالتالي انعكاس ذلك بشكل سلبي على مستوى الالتزام والتركيز والفهم.
بحسب استطلاع أجرته وكالة (Scarborough Simpson) ، المتخصصة في أبحاث التعليم العالي، على الطلاب في الولايات المتحدة في أبريل 2020، ذكر 63% منهم أن تعليمهم عبر الإنترنت لا يرقى لمستوى التعليم الذي يتلقونه في مدارسهم، ومن هنا يظهر التساؤل، ما هي معايير ضمان جودة التعليم الإلكتروني عن بعد في ظل الإقبال المتزايد عليه من مختلف المؤسسات التعليمية؟.
في الحقيقة أنه لضمان تقديم مستوى عالي من جودة التعليم الإلكتروني سواء على مستوى التدريس أو التعلم، هناك خمس عناصر أساسية يجب وضعهم في الاعتبار لرفع جودة التعليم الإلكتروني:
1. تصميم المناهج والدورات التدريبية بما يتناسب مع أساليب التعلم الإلكتروني
تتمثل واحدة من أهم عناصر جودة التعليم الإلكتروني في حقيقة أن المناهج والدورات التدريبية يجب أن تكون مصممة خصيصًا لأن يتم تقديمها عبر الإنترنت، بحيث تستطيع جذب انتباه المتعلم وتشجعه على التفاعل معها، كما أنه يجب أن يكون هناك تصميم واحد يتم تطبيقه على كافة المناهج والدورات التعليمية المقدمة، بحيث تسمح للطلاب بتنظيم جهودهم وإكمال واجباتهم ومهامهم بسهولة دون أي تعقيدات.
2. التأكيد على مشاركة وتفاعل الطلاب في عملية التعلم
من أبرز عيوب التعلم الإلكتروني هو عدم وجود تفاعل مباشر بين الطلاب ومعلميهم وبين أقرانهم من الطلاب، وفي حين أنه من الصعب تكرار نموذج التعلم والتعاون المباشر وجها لوجه المتاح في أماكن التعلم التقليدية، فإنه للحفاظ على جودة التعليم الإلكتروني عبر الإنترنت يجب أن يتم وضع بدائل عملية مصممة خصيصًا لهذا الغرض، مع العلم أنه هناك ثلاث مستويات للتفاعل مهمة للغاية في التعليم الإلكتروني:
أولًا: التفاعل بين الطلاب وأعضاء هيئة التدريس: وهذا يمكن تحقيقه من خلال البريد الإلكتروني، المكالمات الهاتفية، ساعات العمل الافتراضية، واستبيانات رجع الصدى.
ثانيًا: التفاعل بين الطلاب وبعضهم: ويمكن أن يحدث هذا عبر الواجبات الجماعية، وجلسات التعلم المتزامنة.
ثالثًا: تفاعل الطالب مع المحتوى: ويمكن أن يتم هذا في شكل صور متحركة أو صور قابلة للنقر أو غيرها من عمليات المحاكاة التفاعلية الأكثر تعقيدًا.
3. ضرورة تدريب أعضاء هيئة التدريس على بيئة التعلم الأونلاين
يلعب المعلمون دورًا مهمًا في رفع مستوى جودة التعليم الإلكتروني، لذلك من المهم توفير الدعم والتوجيه المستمر للمعلمين وكذلك برامج التدريب والتأهيل الشاملة لهم حتى يكونوا قادرين على التعاطي مع متطلبات التعليم الإلكتروني وإتقان دورهم بنجاح.
4. تنظيم عملية التقييم والقياس
واحدة من أكبر تحديات التحول إلى التعليم الإلكتروني هو اكتشاف كيفية تقديم تقييمات فعالة وصحيحة وآمنة للطلاب، وعادة ما يكون هذا العنصر هو الحاسم في ضمان جودة التعليم الإلكتروني، لذلك هناك ثلاثة عناصر هامة يجب أن تتضمنها أي دورة تدريبية عبر الإنترنت:
• التقييم التكوينيFormative assessment: من خلال متابعة مدى فهم وتعلم الطلاب طوال الفصل الدراسي وتوفير رجع الصدى المستمر لهم حتى يتمكنوا من قياس مدى تقدم تعلمهم الشخصي.
• التقييم الختامي Summative assessment: من خلال تقييم التحصيل العلمي للطلاب للأهداف التعليمية الخاصة بالدورة التدريبية، وتُعد طرق التعليم القائمة على تسليم المهام والأبحاث هي الأكثر فعالية على الإنترنت.
• حماية الاختبارات ومستوى أمانها: يجب ضمان حماية البيانات والاختبارات عبر الإنترنت باستخدام متصفحات مؤمنة، والاعتماد على نماذج الأسئلة العشوائية في وضع الامتحانات.
5. سهولة الدعم المؤسسي
التعليم الإلكتروني الناجح يجب أن يقدم خدمات الدعم على مدار الساعة 24/7 للطلاب والمعلمين على حد سواء، يساعد هذا في زيادة تركيز الطلاب على تعلمهم فقط وضمان ألا تؤدي مشكلات التكنولوجيا وعدم الوصول إلى تعطيل عملية التعليم وهذا خاصًة في مجال التعليم غير المتزامن عبر الإنترنت.