بقلم.
م.مدحت فهمي صالح
قال جان مونيه (Jean Monnet)
"إذا كنت سأبدأ مرة أخرى بتوحيد الاتحاد الأوروبي ، فسأبدأ بالثقافة وليس بالاقتصاد"
منذ إصدار سلسلة المواصفات ISO 9000 ركزت العديد من المظمات على مبادرات إدارة الجودة (Quality Management “QM”) بهدف تحسين الجودة والأداء. تبنت العديد من المظمات - الإنتاجية والخدمية - إدارة الجودة كجزء من استراتيجيتها لتحسين الأداء. وعلى الرغم من وجود الأدلة على العلاقة الإيجابية بين إدارة الجودة والأداء التنظيمي، إلا أنه توجد حالات عديدة غير ناجحة وغير مستدامة. لقد كُتب الكثير عن فوائد إدارة الجودة في تحسين الأداء التنظيمي، وعلى الرغم من هذه الفوائد، فإن الفحص الدقيق للدراسات يٌظهر أن العديد من تطبيقات إدارة الجودة لم تحقق النتائج المرجوة على إختلاف أنواع المنظمات من حيث التخصص أو الحجم نتيجة للعديد من العوامل.
غالبًا ما يتم الاستشهاد بالثقافة التنظيمية (Organizational Culture “OC”) كعامل رئيسي لهذه النتائج من بين العوامل المدرجة. إن الثقافة التنظيمية لها تأثير كبير على الأداء (جوران)، وما تحويه الثقافة التنظيمية من قيم ومعتقدات واتجاهات يمكن أن تكون الأرض الخصبة التي تدعم نمو واستمرار ونجاح إدارة الجودة. ذلك أن خَلق الثقافة التنظيمية التى تتفق وإدارة الجودة يعتبر من أهم التحديات لبرنامج إدارة الجودة، لأن لكل منظمة من منظمات الأعمال ثقافتها الخاصة بها، والتى تشمل فى مجملها العادات والتقاليد والقيم والمعتقدات التى تحكم سلوك الأفراد والمجموعات فى المنظمة. بمجرد بناء ثقافة تنظيمية قوية، ستكتسب زخمًا خاصًا بها وستساعد على السماح للعاملين بالشعور بالتقدير والتعبير عن أنفسهم بحرية. ستنتهي الإثارة والطاقة التي يسببها هذا إلى تأثير إيجابي يؤثر على كل جزء من أجزاء المنظمة.
تعد ثقافة الجودة أحد الركائز الأساسية في تحسين أداء المنظمات فضلاً عن دورها في تعزيز القيم والمعتقدات والسلوكيات لدى العاملين في المنظمة من أجل التوجه نحو تطبيق نظم إدارة الجودة والإدارة الدولية بأنواعها.
وتشير ثقافة الجودة إلى مجموعة من أنماط الجودة المشتركة والمقبولة والمتكاملة (تسمى غالبًا مبادئ الجودة) التي يمكن العثور عليها في الثقافات التنظيمية وأنظمة إدارة المنظمات. وأكثر من ذلك، تعرَّف ثقافة الجودة بأنها بيئة لا يتبع فيها العاملون إرشادات الجودة فحسب، بل يرون باستمرار الآخرين يتخذون إجراءات تركز على الجودة، ويسمعون الآخرين يتحدثون عن الجودة، ويشعرون بالجودة من حولهم.
وإهتماما بثقافة الجودة والثقافة التنظيمية وعلاقتهما بالجودة والأداء التنظيميين، بدأت المنظمة الدولية للمقاييس (ISO) من خلال اللجنة الفنية (ISO TC 176) - التي تُصدر وتُحدث سلسلة المواصفات (ISO 9000) - إعدد مواصفة قياسية جديدة في سلسلة المواصفات (ISO 10000) تحمل الرقم (ISO 10010). تحمل هذه المواصفة العنوان (إدارة الجودة - التوجيه لفهم وتقييم وتحسين ثقافة الجودة التنظيمية لتحقيق النجاح المستمر).
“ISO/CD 10010 Quality management – Guidance to understand, evaluate and improve organizational quality culture to drive sustained success”
والحرفان (CD) هما إختصار للمصطلح (ISO Committee Draft). ومن المعلوم أن اللجنة الفنية (ISO TC 167) تتكون من ثلاثة لجان فرعية (SC1, SC2, SC3). تتولى اللجنة الفرعية الأولى (SC1) الإصدار والتحديث للمواصفة (ISO 9000)، واللجنة الفرعية الثانية (SC2) الإصدار والتحديث لمجموعة المواصفات (ISO 9001, 9002, 9004)، واللجنة الفرعية الثالثة (SC3) الإصدار والتحديث لمجموعة المواصفات (ISO 10000). وتشارك الهيئة المصرية للمواصفات والجودة (EOS) من خلال مجموعة من الخبراء المصريين في مجالات الجودة والمواصفات في أعمال اللجان الفرعية الثلاث، ويتولون الآن مع الخبراء في دول العالم المشاركة في اللجنة الدراسة وإبداء الآراء لإصدار المواصفة (ISO 10010) في شكلها النهائي. تاخذ مثل هذه المواصفات وقتا ليس بالقصير من خلال عدة مراحل يتخللها إستبيان أراء الخبراء في كل مرحلة، منها مرحلتي ( المسودة - Draft) و (المسودة النهائية – Final Draft). من المعلوم، أيضا، أن المواصفة القياسية (ISO 9001) التي صدرت عام 2015 إستمر العمل بها في الفترة بين عامي 2013 و 2015 لتظهر في شكلها النهائي بمشاركة خبراء العالم المتخصصين من الدول أعضاء منظمة الأيزو.