بقلم.
م. سامية العزازي
يعمل التعاون في مجال الأعمال على إنشاء علاقات إيجابية واتصالات هادفة، داخليًا وخارجيًا، لتحقيق الأهداف أو حل المشكلات من خلال مشاركة مجموعات المهارات المتنوعة، ونقاط القوة ، ووجهات النظر. البيئة التنافسية للأعمال التجارية الدولية تتغير بسرعة، ولتكون المنشأة قادرة على المنافسة في الأسواق المحلية والعالمية، يجب عليها تلبية أو تجاوز المعايير الجديدة للجودة والمستويات الجديدة من التكنولوجيا، لذا أصبحت العلاقات التعاونية بين المنشآت طريقة شائعة لتلبية متطلبات المنافسة المتزايدة، ويعني التعاون الناجح أن يحقق كل منهما معًا أكثر مما يمكن أن يحققه أي منهما بمفرده.
ولكن الأمر لا يقتصر على اللاعبين الكبار فقط - فالمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة تقع في دائرة التأثير و التأثرأيضًا. ولهذا الغرض أصدرت المنظمة الدولية للتقييس (ISO) سلسلة من المواصفات الدولية لنظم إدارة علاقات العمل التعاونية Collaborative Business Relations Management Systems هي سلسلة ISO 44000 وتشمل عددا من المواصفات هي ISO / TR 44000 ، و ISO 44001 :أنظمة إدارة علاقات العمل التعاونية - المتطلبات والإطار، و ISO 44002 : أنظمة إدارة علاقات العمل التعاونية - إرشادات بشأن تنفيذ ISO 44001، بالاضافة الي أحدث اصدار في هذه السلسلة وهي المواصفة ISO 44003 :إدارة علاقات الأعمال التعاونية - إرشادات للمؤسسات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة حول تنفيذ المبادئ الأساسية. هذه السلسلة قابلة للتطبيق علي كل المنشآت أيا كان نوعها أو نشاطها أو مكان عملها مع اختلاف قابلية تطبيق عدد منها حسب حجم المنشأة، وقد تم مؤخرا نشر دليل جديد يختص فقط بالمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة.
ونعرض أدناه موجزا لكل من هذه المواصفات الدولية، علي النحو التالي:
تتناول هذه الوثيقة المبادئ التي تدعم تنفيذ وتشغيل المنشآت الملتزمة بالتعاون والعمل معًا عبر الحدود التنظيمية من أجل المنفعة المتبادلة والقيمة المضافة. وتشمل إثنى عشر مبدأ لإدارة العلاقات التعاونية. تعتمد ISO 44001 ومعايير الإدارة التعاونية ISO ذات الصلة على فهم هذه المبادئ والاعتراف بها. تنص هذه الوثيقة على تفاصيل كل مبدأ مثل البيان أي وصف للمبدأ، والأساس المنطقي أى شرح سبب أهمية المبدأ بالنسبة للمنشأة (المنشآت)، والفوائد الرئيسية له من خلال أمثلة على الفوائد الناتجة عن تطبيق المبدأ بشكل مناسب. مع مراعاة أن إنشاء علاقات تعاون فعالة هو عملية تكرارية حيث تتطور هذه المبادئ خلال دورة حياة هذه العلاقة التعاونية وفقا للاحتياجات و المستجدات.
تنص هذه المواصفة علي متطلبات نظام إدارة علاقات العمل التعاونية بما في ذلك تحديد وتطبيق وتطوير هذا النظام بصورة فعالة سواء داخل المنشآت أو فيما بينها. وتطبق المواصفة على كافة المنشآت الخاصة والعامة أيا كان حجمها، بدءا من الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات والمنظمات الحكومية إلى المنظمات غير الربحية والمنشآت الصغيرة و متناهية الصغر.
ويمكن أن يتم تطبيق المواصفة ISO 44001: 2017 على عدة مستويات مختلفة، منها على سبيل المثال ما يلي:
- تطبيق واحد (بما في ذلك وحدة تشغيل، قسم التشغيل، مشروع أو برنامج واحد، عمليات الدمج والاستحواذ)؛
- العلاقة الفردية (بما في ذلك العلاقة الفردية، والتحالف، والشراكة، والعملاء التجاريين، والمشروع المشترك)؛
- علاقة متعددة محددة (بما في ذلك تحالفات الشركاء المتعددة، والاتحادات، والمشاريع المشتركة، والشبكات، وترتيبات المنشأة وسلاسل التوريد من طرف إلى طرف)؛
- تطبيق كامل على مستوى المنشأة لجميع أنواع العلاقات المحددة.
هذه المواصفة قابلة للتطبيق على أي منشأة، وتقدم إرشادات حول تنفيذ المواصفة الدولية ISO 44001 لضمان تحقيق علاقات عمل تعاونية ناجحة، بالإضافة إلى مساعدة المنشآت على استخدام مواصفات إطار العمل وتنفيذها بشكل فعال.
وتوضح هذه المواصفة ما هو مقصود من كل متطلب من متطلبات ISO 44001 ، ومدي أهمية كل منها، مع التوصية بالأساليب الواجب اتباعها من أجل التنفيذ العملي لها. ويتم تقييم كيفية تلبية المتطلبات بشكل فردي وكذا تطبيقها في سياق كل منشأة.
هذه المواصفة قابلة للتطبيق على جميع أنواع المنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة (MSMEs)، بصرف النظر عن القطاع والنشاط و المكان وبيئة التشغيل و الثقافة ورأس المال الاجتماعي والأهداف.
وتجدر الاشارة الي أن تعريف المشروع المتناهي الصغر والصغير يختلف بشكل كبير. وهذه المواصفة مخصصة لاستخدام أي منشأة يتم تعريفها أو تحديدها كمنشأة متناهية الصغر أوصغيرة أومتوسطة.
وهذه المواصفة هي الأحدث في سلسلة المواصفات ISO 44000 ، و تهدف إلى مساعدة هذه الفئة من المنشآت على تحقيق أكبر قدر من الفوائد من الشبكات والشراكات الجديدة خاصة مع الشركات الكبري. وهذا التعاون يشمل تقاسم المخاطر والموارد، والاستفادة من المعرفة والخبرة، والوصول إلى أسواق جديدة والمشاركة في أنشطة البحوث و التطوير.
وتقدم هذه المواصفة إرشادات حول المبادئ الإثني عشر للعلاقات التجارية التعاونية على النحو المنصوص عليه في التقرير الفني ISO / TR 44000 : مبادئ إدارة علاقات العمل التعاونية الناجحة، وتشمل عددا من البنود بما في ذلك أهداف العمل والقيادة والحوكمة والعمليات وإدارة المخاطر والقياس واستراتيجيات الخروج.
و جدير بالذكر أنه لضمان قابلية وكفاءة تطبيق سلسلة المواصفات ISO 44000 – وكما سبق عمله في حالة كافة مواصفات نظم الادارة التي سبق صدورها وتطبيقها بنجاح في أنحاء العالم - أصدرت منظمة الأيزو العام الماضي مواصفة جديدة في سلسلة المواصفات ISO 17021 الخاصة بأنشطة منح الشهادات لنظم الادارة ، وهي:
وتنص هذه المواصفة علي متطلبات الكفاءة اللازمة للأفراد المشاركين في عمليات المراجعة والتدقيق وإصدار الشهادات لنظم إدارة علاقات العمل التعاونية (CBRMS)، وهي تكمل وتضيف الي المتطلبات الحالية للمواصفة ISO / IEC 17021-1.
إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تعد عاملا أساسيا في دفع الاقتصاد القومي، من خلال عروض المنتجات والخدمات المبتكرة، كما تلعب دورًا حيويًا في العديد من سلاسل التوريد، ورغم أن الكثير منها ليس لديهم القدرة على إقامة علاقات عمل تعاونية، فإن الذين ينجحون في ذلك يحققون فوائد عديدة من خلال اعتماد نهج استباقي للتعاون. ولا يلزم أن يكون إتباع نهج تعاوني مكلفًا أو ثقيل الموارد لأن إقامة الشراكات قد يخفف من هذه الضغوط ويساعد على تحقيق العديد من الفوائد مثل تعزيز الابتكار بين الأطراف، وبناء علاقات مستدامة ومفيدة للطرفين، وزيادة القدرة التنافسية ، وفتح أسواق أوسع، وخفض التكاليف و الأسعار، وتحسين العمليات والكفاءة الي غير ذلك من المزايا التشغيلية.
مما تقدم يتضح أن المواصفات الدولية للإدارة بأنواعها و- ومنها سلسلة المواصفات ISO 44000 - لا تمثل في نهاية الأمر عبئا ولا عائقا للمنشآت الصغيرة و المتوسطة بل تعد أداة مساعدة لتحقيق المزيد من المكاسب التنافسية في عالم الأعمال.