وزارة الصناعة
الهيئة المصرية للمواصفات والجودة المعهد القومى للجودة

"دع الجودة دون تعريف...هذا هو السر"

"دع الجودة دون تعريف...هذا هو السر"

بقلم.

أ.د.م/ محمد عتمان

ستظل محاولات تعريف الجودة مستمرة نظراً لتطور المفهوم والأدبيات والتطبيقات المتعلقة به، فقد تطور مفهوم "الجودة" بمراحل عديدة منذ نشأته إلى يومنا هذا، لكن جميع محاولات التعريف تضمنت دلالة واحدة لتعريف الجودة وهي مقابلة الاحتياجات والتطلعات الحالية والمستقبلية للمستفيدين من المنتج أو الخدمة. وتتفق معظم أدبيات الجودة بأن محاولة تعريف معنى الجودة يمكن تناوله من جوانب متعددة نظراً لاختلاف التصورات حول المفهوم، ويشار إلى أن مصطلح "الجودة" بحد ذاته تعبير غامض إلى حد ما لأنه يتضمن دلالات حيث يشير إلى المواصفات  والتميز على حد سواء. هناك تعريف للجودة وفقاً للمواصفة (ISO 9000) فهي عبارة عن مقياس لمدى تلبية حاجات العملاء ومتطلباتهم المعلنة والضمنية. فالجودة لا تعني بالضرورة التميز، وإنما ببساطة المطابقة للمواصفات ومتطلبات العملاء، أو ترجمة لحاجاتهم وتوقعاتهم. وبالتالي فإن الذي يحكم على الجودة في النهاية هو العميل الذي يقرر ما إذا كان المنتج يلبي حاجاته أم لا.

فالجودة عبارة عن خلق ثقافة متميزة في الأداء، حيث يعمل ويكافح المديرون والعاملون بشكل مستمر ودؤوب؛ لتحقيق توقعات المستهلك، وأداء العمل بشكل صحيح منذ البداية مع تحقيق الجودة بشكل أفضل وبفعالية وفي أقصر وقت. كما عُرفت الجودة بأنها عبارة عن مجموعة من الصفات والخصائص التي يتميز بها المنتج أو الخدمة، والتي تؤدي إلى تلبية حاجات المستهلكين والعملاء سواء أكانت من حيث تصميم المنتج أم قدرته على الأداء في سبيل الوصول إلى إرضاء أولئك العملاء وإسعادهم. ويمكن النظر إلى الجودة من خلال ثلاث جوانب (جودة التصميم، وجودة الإنتاج، وجودة الأداء). وكما نلاحظ، فإنه يصعب وضع تعريف محدد للجودة، بالرغم من تشابه بعض الجوانب في التعاريف السابقة، والتي يستدل منها على تركيز الجودة على سد أو تجاوز حاجات المستهلكين، وتطبيق الجودة على السلع، الخدمات، الأفراد، العمليات، وخضوعها لتغيرات مستمرة، حيث إن ما يمكن اعتباره جيدا اليوم قد لا يكون جيداً غداً. ومن خلال استعراض هذه التعاريف يمكن القول إن تعريف الجودة يأخذ جوانب متعددة لا يمكن حصرها في دائرة ضيقة، واختصارا فإن هذه التعاريف المتعددة للجودة يمكن أن تتبلور في أنه لا يوجد تعريف واحد شامل لكلمة "الجودة" حيث إن مفهومها يتغير بتغير الفرد وأن الجودة تسعى لإرضاء العملاء، وإدخال السعادة في نفوسهم وأنها تشير إلى الإتقان، وأن الجودة تسعى إلى إشباع حاجات ورغبات العميل التي هي أساس التميز والتفوق. لذا  نجد أن تعريفات الجودة تتعدد وفقاً لتعدد جوانبها والجهة التي تعرفها.

لذا فإننا سنعرف الجودة عندما نشعر بها وهذه دلالة على أن المستفيدين من المنتج / الخدمة هم من يحكمون على مدى جودته، وهذه هي نصيحة روبرت بيرسينج (Robert Pirsig,2001) بأن ندع الجودة بلا تعريف "دع الجودة دون تعريف..هذا هو السر".

أصبحت عملية قياس وتقييم الأداء محل اهتمام العديد من المتعاملين وأصحاب المصالح مع المنظمات والمؤسسات، وإن اختلفت أغراض وأساليب القياس والتقييم لدي كل منهم.  من ناحية أخري، أصبح تركيز قياس الأداء على قياس المخرجات الخاصة بالمؤسسة غير مناسب، بحيث أصبح من الواجب التركيز أيضاً على العمليات والمعالجات ذاتها، كما مع عدم تركيز أصبح أيضاً من الواجب الاهتمام بالمقارنات القياسية (Benchmarking) الاهتمام على المؤشرات الكمية والرقمية فقط دون الاهتمام بقياس جودة الأداء. وبالنظر إلى ما تواجهه المنظمات حالياً من ضغوط وتحديات محلية وعالمية بحيث أصبحت البيئة التي تعمل فى إطارها هذه المنظمات الآن تختلف عن الماضي، فقد أصبح من الضروري إدراك أن نظم ومؤشرات قياس وتقييم الأداء المؤسسي للمنظمات أصبح يمثل ظاهرة متعددة الجوانب تتحرك خيوطها فى مجالات متعددة، وبالتالي أصبح الأداء المؤسسي بمثابة منظومة متكاملة لنتائج أعمال المنظمة فى ضوء تفاعلها مع عناصر بيئتها الداخلية والخارجية.

المقصود بالأداء المؤسسي وآلية تقييمه:

لإعطاء صورة عن مفهوم تقييم الأداء المؤسسي لابد من التعرف أولاً على مكونات هذا المفهوم والتي تجسد فى المقصود بالأداء المؤسسي والتي يمكن تعريفه بأنه المنظومة المتكاملة لنتائج أعمال المنظمة فى ضوء  تفاعلها مع عناصر بيئتها الداخلية والخارجية وهو يشتمل على ثلاثة  أبعاد هي:

أداء الأفراد في إطار وحداتهم التنظيمية المتخصصة.

أداء الوحدات التنظيمية في إطار السياسات العامة للمؤسسة.

أداء المؤسسة في إطار البيئة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

وبرغم اشتمال مفهوم الأداء المؤسسي على هذه الأبعاد الثلاثة إلا أنه يختلف عن أي بعد منها لو أخد منفرداً، فالأداء المؤسسي يختلف عن الأداء الفردي، ويختلف عن أداء الوحدات التنظيمية، إلا أنه فى الحقيقة محصلة لكليهما، بالإضافة إلى تأثي ا رت البيئة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية عليها.

وتتحدد الفلسفة التي يقوم عليها الأداء المؤسسي فى الآتي:

  1. إن كل مستوي من مستويات الأداء هو جزء من مستوي أداء كلي أكبر بالمنظمة.
  2. إن قياس الأداء القائم على الاهتمام بالأجزاء دون إدراك نقاط التلامس والحركة مع بقية أجزاء الكل يبعد المؤسسة عن المثالية ويقودها إلى سلسلة من الصراعات التي تؤدي فى النهاية للهدم وتشتيت الجهود.
  3. إذا حدث تفوق ما نتيجة للنظرة الجزئية فهو تفوق مؤقت يؤدي إلى الاختلافات والتدهور فى الأجل الطويل.
  4. إن إدراك طبيعة النظرة الكلية للأداء المؤسسي هو تصاعد لتكامل الأفكار والسياسات والنظم للوصول إلى المثالية التكاملية وتجنب القصور التجزيئى.
  5. إن النظرة التكاملية للأداء لا تعنى عدم الاختلاف بل تعنى إدراك وجاهة الاختلاف مع الأجزاء وصولاً إلى التجانس الإدا ري والذي يؤدي إلى الجماعية فى الأداء الإداري وإلى تحقيق الإبداع الإداري.

ولا شك أن قدرة الإدارة على تحقيق حالة من الكفاءة والفعالية فى المنظمة تعتمد بدرجة كبيرة على دورها فى بناء تنظيم مؤسسي يمكن المنظمة من الأداء المتميز الذي يتماثل مع الطبيعة الديناميكية المتجددة لمهام الإدارة الآتية:

  1. العمل على إستقراية واستمرارية المنظمة فى أداء أهدافها.
  2. العمل على تأقلم وتكيف المنظمة مع المتغيرات الإيجابية المتجددة فى البيئة.
  3. ابتداع وتنمية النظم التي تعين المنظمة على استكشاف المتطلبات المستقبلية والعمل على تحقيقها عند الحاجة إليها.

فى حين يعرف المكون الثاني"التقييم" بقياس مدي كفاءة وجودة المنظمة فى مجال تحقيق أهدافها العامة والقانونية والاستفادة من هذه البيانات من خلال التحليل والدراسة لأغراض تحسين مستوي أداء المنظمة.

وقد عرف مفهوم تقييم الأداء المؤسسي بأنه عبارة عن "مدى تحقيق المنظمة للأهداف المحددة لها"، فقد عرفوا مفهوم الأداء المؤسسي بأنه "عملية تحليل وقياس الأعمال المنجزة خلال فترة زمنية محددة"، بينما عرف تقييم

الأداء على أنه "التعرف على مدي تحقيق المؤسسة أو عدم تحقيقها لأهدافها المتوقعة".ومن خلال ما سبق يلاحظ أن كافة التعريفات تشير وبشكل عام إلى مفهوم الإدارة بالأهداف وهو أحد أهم الاتجاهات الفكرية التي انتشرت فى السبعينات من هذا القرن وركز على مفهوم تقييم الأداء.

أهداف تقييم الأداء المؤسسي:

هناك العديد من الأهداف التي تسعي المؤسسات والشركات إلى تحقيقها من خلال تطبيقها لعملية تقويم الأداء المؤسسي، ومن أهمها:

  1. المساعدة فى التحقق من مدي قدرة الوحدات المحلية لدى المؤسسة فى تحقيق أهدافها فمن خلال توفر مجموعة من المعايير والمقاييس المستخدمة، لتقييم الأداء يمكن أن يتم تحديد الفارق بين ما هو مخطط له وما تم انجازه فعلي اً، وبالتالي تحديد نقاط القوة والضعف لدى المؤسسة.
  2. إن عملية تقويم الأداء تسلط الضوء على مدي الكفاءة فى استغلال الإدارة لكافة الموارد المتاحة لها (الشحات، 1992 )، ويتم ذلك من خلال استثمار الموارد البشرية بصورة أفضل والحد من إهدار الموارد المالية من خلال تقليل التكاليف والنفقات بما يلا يؤثر على جودة الخدمة المقدمة.
  3. تساعد المدير فى معرفة ما يحتاجه لتحقيق أداء عالي يتناسب وأهدافه الموضوعة، فنماذج التقييم تشتمل على مجموعة أسس تساهم فى تحديد الطريق الصحيح لرفع كفاءة الأداء والتي إن تم إتباعها تساهم فى تحسين مستوي الأداء لدى المؤسسة.
  4. المساهمة فى تطوير الأقسام المحلية للمؤسسة: وذلك من خلال تشخيص مشاكل ومعيقات كل قسم داخل المؤسسة ومحاولة معالجتها بعد تقويمها من خلال أسس ومعايير محددة.
  5. خلق جو من التنافس بين كافة الأقسام المختلفة داخل المؤسسة من خلال تعزيزها لمبدأ الثواب والعقاب.
  6. تحقيق مستوي أفضل من رضا العملاء والعاملين على حد سواء: فلابد من مواكبة التطور من أجل الاستم ا رر فى تقديم الأفضل للعملاء والعاملين من خلال توفير مجموعة من المعايير لقياس مدى رضاهم عن تلك الخدمات المقدمة.