بقلم.
أ.د.م. محمد عتمان
تحدث الكثيرون منذ إنعقاد المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس عام 2016 وسيستمر الحديث بلا انقطاع حول "الثورة الصناعية الرابعة – الفرص والتحديات"، حيث تستطيع الثورة الصناعية الرابعة تمكين الأفراد والمجتمعات لأنها تخلق فرصا جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية. انتشر مصطلح الثورة الصناعية الرابعة الذي أطلقه "كلاوس شواب"، مؤسس المنتدى الاقتصادي العالمي في الأوساط العلمية والإعلامية والسياسية، في كل أنحاء العالم منذ ذلك العام، وارتبط بالتقدم المذهل في مجالات الذكاء الاصطناعي والآلات التي تحاكي قدرات الإنسان، والتكنولوجيا الحيوية والسيارات والمعدات ذاتية القيادة والطائرات بدون طيار، وإنترنت الأشياء وسلسلة الكتل، والطابعات ثلاثية الأبعاد، والعملات الافتراضية، وكلها مجالات تعتمد على الابتكار والإبداع، وتقوم على التفاعل بين المعلومة والآلة وعقل الإنسان. ومما تتناوله الأحاديث تنافس الدول على تبني تطبيقات ومبتكرات الثورة الصناعية الرابعة؛ نظرا لما تجنيه من فوائد في مجالات زيادة الإنتاج الصناعي والزراعي وتحسين جودته وتطوير الخدمات الحكومية وزيادة التصدير وتطوير نظام التعليم بما يشجع قيم الابتكار وتحقيق الشمول المالي والاجتماعي بحيث تتوافر صورة رقمية عن كل هيئة ومؤسسة. وعلى العموم، هناك أربعة آثار رئيسية للثورة الصناعية الرابعة (على الشركات، وعلى توقعات العملاء، و على تحسين المنتج، و على الابتكار التعاوني، وعلى الأشكال التنظيمية).
وسعيا من الحكومة المصرية للانخراط في الثورة الصناعية الرابعة، وفي إطار الاستعدادات المصرية اللازمة لذلك، افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي فعاليات الدورة الـ22 لمعرض القاهرة الدولي للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والذي حمل عنوان "قيادة التحول الرقمي"، نوقشت خلاله الحلول الرقمية التي تؤدي إلى تحسين الأداء في العديد من المجالات، من بينها تطوير البنية التحتية للنقل والطرق وتطوير منظومة التعليم، والتكنولوجيا المالية، والشمول الرقمي، والأمن والسلامة، وتأمين الأشخاص والمنشآت، والمدن والمجتمعات الذكية، وكلها مجالات ومحاور من الضروري أن تصبح جزءا من عملية التحول الرقمي الذي تقوم به مصر حاليا لتلحق بالثورة الصناعية الرابعة، وتحتل مركزا متقدما في دليل التنافسية العالمية والدولية في مجال الذكاء الاصطناعي.
يمثل مفهوم الثورة الصناعية الرابعة (Industry 4.0)، دفعة نحو رقمنة التصنيع التي يقول الخبراء إنها ستوفر تحسينات هائلة في الكفاءة والتكاليف والأرباح خلال بضع سنوات. ولكن كيف يمكن أن تساعد الثورة الصناعية الرابعة في تحسين الجودة؟ وما هي الفوائد والتحديات والأدوات التي ستحتاجها الشركات لإنجاحها؟. يرى الباحثون أنه من الواضح أن للثورة تأثيرات كبيرة على الجودة، حيث أن الفوائد المحتملة تشمل (زيادة موثوقية الإنتاج مع اختلاف أقل، و تحسين الفعالية الإجمالية للمعدات، وخفض تكاليف الصيانة، و تقليل مخاطر الصحة والسلامة على العمال، و إدارة سلسلة التوريد المتكاملة بإحكام). وعلى الرغم من أن التحول الرقمي يجب أن يكون على رادار كل مصنع، فإن جعله حقيقة واقعة يأتي مع العديد من التحديات، حيث ستكون أدوات إدارة المخاطر أكثر أهمية من أي وقت مضى في مواجهة مخاوف محتملة.
وبينما تستمر الثورة الصناعية الرابعة (Industry 4.0) في التطور، حيث أنها التحرك نحو الرقمنة (digitization) بما في ذلك الأتمتة (automation) والروبوتات والذكاء الاصطناعي، طُرِح السؤال التالي: ما الذي يمكن أن يقوم به محترفي الجودة لضمان أنهم سيكونون أصلًا متكاملاً خلال هذه الثورة الصناعية؟. إن الثورة الصناعية الرابعة تتطلب نظام جودة يوفر سلامة البيانات والخصوصية والموثوقية بالإضافة إلى ضمان أنظمة موثوقة وقابلة للتوسع ومتكاملة العمليات التي تشارك البيانات بسلاسة بين الشبكات مع تلبية احتياجات المنتجين والعملاء باستمرار حيث يجب ضمان الترابط بين البرامج وأجهزة الاستشعار والأجهزة ومراكز البيانات. توجد فرص لمهني الجودة لتقديم مساهمات كبيرة ومبتكرة في مجالات ضمان جودة البرامج، والموثوقية، والتحقق من صحة العملية، واختبار الحياة البيئية ومراقبة العمليات في الوقت الحقيقي، والإحصاءات المتعددة المتغيرات، ووظائف النقل، والمعايرة المتقدمة وتحليل البيانات.